ان يا ملأ المدينة اتّقوا اللّه و لا تفسدوا فی الأرض و
لا تتّبعوا الشّيطان ثمّ اتّبعوا الحقّ فی هذه الايّام القليل
ستمضی ايّامکم کما مضت علی الّذينهم کانوا قبلکم و ترجعون الی
التّراب کما رجعوا اليه آبائکم و کانوا من الرّاجعين ثمّ اعلموا
بانّا ما نخاف من احد الّا اللّه وحده و ما توکّلی
الّا عليه و ما اعتصامی الّا به و ما نريد الّا ما اراد لنا و
انّ هذا لهو المراد لو انتم من العارفين انّی انفقت روحی و جسدی
للّه ربّ العالمين من عرف اللّه لن يعرف دونه و من خاف اللّه لن
يخاف سواه و لو يجتمع عليه کلّ من فی الأرض اجمعين و ما نقول
الّا بما امرت و ما نتّبع الّا الحقّ بحول اللّه و قوّته و
انّه يجزی الصّادقين ثمّ اذکر يا عبد ما رأيت فی المدينة حين
ورودک ليبقی ذکرها فی الأرض و يکون ذکری للمؤمنين فلمّا وردنا
المدينة وجدنا رؤسائها کالأطفال الّذين يجتمعون علی الطّين
ليلعبوا به و ما وجدنا منهم من بالغ لنعلّمه ما علّمنی اللّه و نلقی
عليه من کلمات حکمة منيع و لذا بکينا عليهم بعيون السّرّ
لارتکابهم بما نهوا عنه و اغفالهم عمّا خلقوا له و هذا ما اشهدناه
فی المدينة و اثبتناه فی الکتاب ليکون تذکرة لهم و ذکری للآخرين
. قل ان کنتم تريدون الدّنيا و زخرفها ينبغی لکم بان تطلبوها فی
الايّام الّتی کنتم فی بطون امّهاتکم لانّ فی تلک الايّام فی کلّ
آنٍ تقرّبتم الی الدّنيا و تبعّدتم عنها ان کنتم من العاقلين
فلمّا ولدتم و بلغ اشدّکم اذاً تبعّدتم عن الدّنيا و تقرّبتم الی
التّراب فکيف تحرصون فی جمع الزّخارف علی انفسکم بعد الّذی فات
الوقت عنکم و مضت الفرصة فتنبّهوا يا ملأ الغافلين اسمعوا ما
ينصحکم به هذا العبد لوجه اللّه و ما يريد منکم من شیء و يرضی
بما قضی اللّه له و يکون من الرّاضين يا قوم قد مضت من ايّامکم
اکثرها و ما بقت الّا ايّام معدودة اذاً دعوا ما اخذتم من عند
انفسکم ثمّ خذوا احکام اللّه بقوّة لعلّ تصلون الی ما اراد
اللّه لکم و تکوننّ من الرّاشدين و لا تفرحوا بما اوتيتم من زينة
الأرض و لا تعتمدوا عليها فاعتمدوا
بذکر اللّه العليّ العظيم . فسوف يفنی اللّه ما عندکم اتّقوا
اللّه و لا تنسوا عهد اللّه فی انفسکم و لا تکوننّ من
المحتجبين ايّاکم ان لا تستکبروا علی اللّه و احبّائه ثمّ
اخفضوا جناحکم للمؤمنين الّذين آمنوا باللّه و آياته و تشهد
قلوبهم بوحدانيّته و السنتهم بفردانيّته و لا يتکلّمون الّا بعد
اذنه کذلک ننصحکم بالعدل و نذکرکم بالحقّ لعلّ تکوننّ من
المتذکّرين و لا تحملوا علی النّاس ما لا تحملوه علی انفسکم و
لن ترضوا لاحد ما لا ترضونه لکم و هذا خير النّصح لو انتم من
السّامعين ثمّ احترموا العلمآء بينکم الّذين يفعلون ما علموا و
يتّبعون حدود اللّه و يحکمون بما حکم اللّه فی الکتاب فاعلموا
بانّهم سرج الهداية بين السّموات و الأرضين انّ الّذين لن تجدوا
للعلمآء بينهم من شأن و لا من قدر اولئک غيّروا نعمة اللّه
علی انفسهم قل فارتقبوا حتّی يغيّر اللّه عليکم انّه لايعزب عن
علمه من شیء يعلم غيب السّموات و الأرض و انّه بکلّ شیء عليم و
لا تفرحوا بما فعلتم او تفعلون و لا بما وردتم علينا لأنّ بذلک
لن يزداد شأنکم لو انتم تنظرون فی اعمالکم بعين اليقين و کذلک
لن ينقص عنّا من شیء بل يزيد اللّه اجرنا بما صبرنا فی
البلايا و انّه يزيد اجر الصّابرين فاعلموا بأنّ البلايا و
المحن لم يزل کانت موکّلة لاصفياء اللّه و احبّائه ثمّ لعباده
المنقطعين الّذين لا تلهيهم التّجارة و لا بيع عن ذکر اللّه و
لا يسبقونه بالقول و هم بامره لمن العاملين کذلک جرت سنّة اللّه
من قبل و يجری من بعد فطوبی للصّابرين الّذين يصبرون فی
البأسآء و الضّرّآء و لن يجزعوا من شیء و کانوا علی مناهج
الصّبر لمن السّالکين ...